كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فيكون} تام لمن قرأ ونعلمه بالنون على الاستئناف وكاف لمن قرأ بالياء التحتية عطفًا على يبشرك من عطف الجمل.
{والإنجيل} حسن إن نصب ورسولًا بمقدر أي ونجعله رسولًا وليس بوقف لمن عطفه على وجيهًا فيكون حالًا أي ومعلمًا الكتاب وهو ضعيف لطول الفصل بين المتعاطفين وكذا على قراءة البزي ورسول بالجر عطفًا على بكلمة منه أي يبشرك بكلمة منه ورسول لبعد المعطوف عليه والمعطوف.
{من ربكم} كاف لمن قرأ إني أخلق بكسر الهمزة وهو نافع على الاستئناف أو على التفسير فسر بهذه الجملة قوله بآية كأنَّ قائلًا قال وما الآية فقال إني أخلق ونظيرها يأتي في قوله إنَّ مثل عيسى عند الله فجملة خلقه مفسرة للمثل وكما في قوله وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم فسر الوعد بقوله لهم مغفرة فالاستئناف يؤتى به تفسيرًا لما قبله وليس بوقف لمن قرأ بفتحها بدلًا من أني قد جئتكم أو جعله في موضع خفض بدلًا من آية بدل كل من كل إن أريد بالآية الجنس أو جعلت خبر مبتدأ محذوف أي هي أني فقوله أنى يجوز أن يكون في موضع رفع أو نصب أو جر على اختلاف المعني وفتحها على اسقاط الخافض فموضعها جر أي بأني ويجري الخلاف المشهور بين سيبويه والخليل في محل أني نصب عند سيبويه وجر عند الخليل.
{بإذن الله} جائز في الموضعين.
{في بيوتكم} كاف ومثله مؤمنين إن نصب ومصدقًا بفعل مقدر أي وجئتكم مصدقًا لما بين يديّ وليس بوقف إن نصب عطفًا على رسولًا أو على الحال مما قبله ومن حيث كونه رأس آية يجوز وجواب إن كنتم محذوف أي انتفعتم بهذه الآية وتدبرتموها.
{حرم عليكم} كاف على استئناف ما بعده وليس بوقف إن عطف ما بعده على ما قبله.
{من ربكم} حسن.
{وأطيعون} كاف.
{فاعبدوه} حسن وقيل كاف.
{مستقيم} تام.
{إلى الله الأول} حسن.
والثاني ليس بوقف لأنَّ آمنا في نظم الاستئناف مع إمكان الحال أي قد آمنا كذلك.
{مسلمون} كاف ومثله الشاهدين.
{ومكر الله} حسن.
{الماكرين} كاف.
{متوفيك} جائز ومثله ورافعك إليّ وليس منصوصًا عليهما والأولى وصلهما وقيل هو من المقدم والمؤخر أي رافعك إليّ حيا ومتوفيك.
{ومطهرك من الذين كفروا} حسن إن جعل الخطاب في اتبعوك للنبي صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوه هم المسلمون أي وجاعل الذين اتبعوك يا محمد فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة فهو منقطع عما قبله في اللفظ وفي المعنى لأنَّه استئناف خبر له ومعنى قوله فوق الذين كفروا أي في الحجة وإقامة البرهان وقيل في اليد والسلطنة والغلبة ويؤيد هذا ما في الصحيح عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وقيل يراد بالخطاب عيسى وليس بوقف إن جعل الخطاب لعيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ولا يخفى أنَّ المذكور في الآية الشريفة إنما هو عيسى لكون الكلام مع اليهود الذين كفروا به وراموا قتله وما في خط شيخ الإسلام وفي النسخ القديمة موسى لعله سبق قلم أو تصحيف من النساخ وفي ترتيب هذه الأخبار الأربعة أعني متوفيك ورافعك إليّ وطهرك وجاعل ترتيب حسن وذلك أنَّ الله تعالى بشره أولًا بأنه متوفيه ومتولي أمره فليس للكفار المتوعدين له بالقتل سلطان ولا سبيل ثم بشره ثانيًا بأنه رافعه إليه أي إلى سمائه محل أنبيائه وملائكته ومحل عبادته ليسكن فيها ويعبد ربه مع عابديه ثم ثالثًا بتطهيره من أوصاف الكفرة وأذاهم وما قذفوه به ثم رابعًا برفعة تابعية على من خالفه ليتم بذلك سروره وقدم البشارة بنفسه لأنَّ الإنسان بنفسه أهم قال تعالى قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وفي الحديث إبدأ بنفسك ثم بمن تعول.
{إلى يوم القيامة} جائز.
{تختلفون} كاف للتفصيل بعده.
{والآخرة} كاف أيضا للابتداء بالنفي.
{من ناصرين} تام.
{أجورهم} حسن.
{الظالمين} كاف لأنَّ ذلك مبتدأ ومن الآيات في محل رفع خبر.
{الحكيم} تام.
{كمثل آدم} حسن وليس بتام ولا كاف لأنَّ خلقه من تراب تفسير للمثل وهو متعلق به فلا يقطع منه وقال يعقوب تام وخلقه من تراب مستأنف وإنما لم يكن خلقه متصلًا به لأنَّ الإعلام لا يتصل بها الماضي فلا تقول مررت بزيد قام لأنَّ قام لا يكون صفة لزيد ولا حالًا لأنه قد وقع وانقطع فإن أضمرت في الكلام قد جاز أن يتصل الماضي بالإعلام لأنَّ الجمل بعد المعارف أحوال وفي جملة خلقه من تراب وجهان أظهرهما أنها مفسرة لوجه التشبيه فلا محل لها من الإعراب والثاني إنها في محل نصب على الحال من آدم وقد معه مقدرة لتقربه من الحال والعامل فيها معنى التشبيه والضمير في خلقه عائد على آدم لا على عيسى لفساد المعنى.
{كن} جائز لاستئناف ما بعده وما بعد الأمر ليس جوابًا له وإنما أراد تعالى فهو يكون على الاستئناف فلذلك انقطع عما قبله وليس بوقف على قراءة الكسائي من نصب ما بعد الفاء وذلك أن ما بعدها معطوف على ما عملت فيه كن واختلف في المقول له كن فالأكثر على أنه آدم وعليه يسئل ويقال إنما يقال له كن قبل أن يخلقه لا بعده وهنا خلقه ثم قال له كن ولا تكوين بعد الخلق فالجواب أنه تعالى أخبرنا أولًا بأنه خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى ثم ابتدأ خبرًا آخر فقال إني مخبركم بعد خبري الأول أني قلت له كن فكان مثل قوله:
إنَّ من ساد ثم ساد أبوه ** ثم قد ساد قبل ذلك جده

ومعلوم إن الأب متقدم عليه والجد متقدم على الأب فالترتيب يعود إلى الخبر لا إلى الوجود.
{فيكون} تام.
{الحق من ربك} جائز أي الذي أنبأك به في قصة عيسى الحق من ربك أو هو الحق من ربك أو أمر عيسى فهو خبر مبتدأ محذوف.
{الممترين} تام ولا وقف من قوله فمن حاجك إلى الكاذبين فلا يوقف على من العلم لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد.
{الكاذبين} تام.
{الحق} كاف.
{إلاَّ الله} حسن لأنَّ من إله مبتدأ ومن زائدة وإلاَّ الله خبر أي ما إله إلاَّ الله.
{الحكيم} تام ومثله بالمفسدين وكذا بيننا وبينكم عند نافع إن رفع ما بعده على أنه خبر مبتدأ محذوف فإنَّ العادة أنه لا يبتدأ بألاَّ لأنَّ الغالب أنها تكون في محل نصب أو جر فهي مفتقرة إلى عاملها وهنا كأنَّ قائلًا قال ما الكلمة فقيل هي ألاَّ نعبد إلاَّ الله وهذا وإن كان جائزًا عربية رفعه فالأحسن وصله وليس بوقف إن جعلت أن وما في حيزها في محل رفع بالابتداء والظرف قبلها خبر وكذا لا يوقف على بينكم إن جعلت أن فاعلًا بالظرف قبلها وحينئذ يكون الوقف على سواء ثم يبتدأ بيننا وبينكم ألاَّ نعبد إلاَّ الله وهذا فيه بعد من حيث المعنى وكذا لا يوقف عليه إن جر على أنه بدل من كلمة بتقدير تعالوا إلى كلمة وإلى ألاَّ نعبد إلاَّ الله لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله ورسموا ألاَّ نعبد بغير نون بعد الألف.
{من دون الله} تام للابتداء بعده بالشرط ومثله مسلمون.
{إلاَّ من بعده} كاف للابتداء بالاستفهام.
{تعقلون} تام.
{فيما لكم به علم} جائز للاستفهام بعده.
{ليس لكم به علم} كاف لاستئناف ما بعده.
{وأنتم لا تعلمون} تام للابتداء بالنفي بعده.
ولا نصرانيًا ليس بوقف لأنَّ لكن حرف يقع بين نقيضين.
وهما هنا اعتقاد الباطل والحق.
{مسلما} جائز.
{من المشركين} تام.
{للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا} كاف فأولى الناس في محل نصب اسم إنَّ وللذين في محل رفع خبرها واللام في للذين لام التوكيد وهذا النبي عطف على للذين والذين آمنوا في محل رفع بالعطف على النبي والوقف على آمنوا وقال النكزاوي اختلف في ضمير اتبعوه فقيل هو ضمير جماعة المسلمين راجع إلى الذين وقيل راجع إلى القوم الذين كانوا في زمن إبراهيم فآمنوا به واتبعوه كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو وقال يعقوب الوقف على اتبعوه كاف ويبتدأ وهذا النبي على الاستئناف والأجود العطف ويدل على صحته الحديث المسند إنَّ لكل بيت وليًا وإنَّ ولييَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم قرأ هذه الآية. اهـ. مع حذف وقرأ أبو السمال العدوي وهذا النبي بالنصب عطفًا على الهاء في اتبعوه كأنه قال اتبعوه واتبعوا هذا النبي ذكره ابن مقسم والوقف على هذا الوجه على آمنوا ومن نصب النبي على الإغراء وقف على اتبعوه ثم يبتديء وهذا النبي بالنصب كأنه قال واتبعوا هذا النبي على لفظ الأمر وهذا أضعف الأوجه وقرئ بالجر عطفًا على إبراهيم أي إنَّ أولى الناس بإبراهيم وبهذا النبي وعلى هذا كان ينبغي أن يثني الضمير في اتبعوه فيقول اتبعوهما اللهمّ إلاَّ أن يقال هو من باب والله ورسوله أحق أن يرضوه.
{والذين آمنوا} حسن.
{وليّ المؤمنين} تام.
{ولو يضلونكم} حسن.
{وما يشعرون} تام ومثله تشهدون وكذا وأنتم تعلمون.
آخره ليس بوقف لحرف الترجي بعده لأنَّ الإنسان يترجى بها شيأً يصل إليه بسبب من الأسباب.
{يرجعون} صالح لأنَّ ما بعده من جملة الحكاية عن اليهود وأنَّ الواو بعده للعطف فإن جعلت للاستئناف كان الوقف على ترجعون كافيًا.
{دينكم} تام يبنى الوقف على هدى الله ووصله بما بعده على اختلاف القراء والمعربين فللقراء في محل أن يؤتى خمسة أوجه وللمعربين فيه تسعة أوجه والوقف تابع لها في تلك الأوجه ولهذا قال الواحدي وهذه الآية من مشكلات القرآن وقال غيره هي أشكل ما في السورة قرأ العامة أن يؤتى بفتح الهمزة والقصر ومعناها قالت اليهود بعضهم لبعض لا تصدقوا ولا تقر وبأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم والحكمة إلاَّ لمن اتبع اليهودية وقرأ ابن حيصن وحميد فوق العشرة بمد الهمزة على الاستئناف التوبيخي الإنكاري وقرأ ابن كثير في السبع على قاعدته بتسهيل الثانية بين بين من غير مدٍّ بينهما على الاستفهام ولام العلة والمعلل محذوفان أي ألأن يؤتى أحد دبرتم ذلك وقلتموه فحذفت اللام ونصبت أن ومدخولها أي محلهما كأنه قال لا تؤمنوا إلاَّ أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم وقرأ الأعمش وشعيب بن أبي حمزة وسعيد بن جبير أن يؤتى بكسر الهمزة على أنها نافية أي ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم خطاب من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته والوقف على دينكم لأنَّ ما بعده يكون منقطعًا عن الأول وقرأ الحسن أن يؤتى بفتح الهمزة وكسر الفوقية وفتح التحتية مبنيًا للفاعل وأحد فاعل والمفعول الأول محذوف أي أحدًا وأبقى الثاني وهو مثل والتقدير أن يؤتى أحدًا أحدًا مثل ما أوتيتم هذا توجيه القراءات وأما توجيه الإعراب ففي محل أن يؤتى تسعة أوجه ثلاثة من جهة الرفع وأربعة من جهة النصب وواحد من جهة الجر وواحد محتمل للنصب والجر ويوقف على هدى الله في أربعة منها وهي إن قرئ أن يؤتى بالاستفهام لأنَّ الاستفهام له صدر الكلام سواء قرئ بهمزة محققة أو مسهلة أو نصب أنَّ على الاشتغال أو علق بالهدى أو أنَّ إن بمعنى ما وليس بوقف إن أعرب أن بدلًا من هدى الله أو خبرًا لأنَّ أو معمولًا لما قبله أو متعلقًا بما قبله أو متعلقًا بلا تؤمنوا أو قرئ أن يؤتى بالفتح والقصر لأنه يصير علة لما قبله كما ستراه.
فالأول من أوجه الرفع أن يؤتى يصح أن يكون محله رفعًا على أنه مبتدأ على قول من يرفع نحو أزيد ضربته والخبر محذوف أي ائيتاء أحد مثل ما أوتيتم تصدقونه أو تقرون به أي لا تصدقوا بذلك فهو إنكار أن يؤتى أحد مثل الذي أوتوه من التوراة وغيرها فهو حينئذ من كلام اليهود بعضهم لبعض والوقف على هدى الله تام لأنه من كلام الله.
والثاني من أوجه الرفع أن يؤتى بدل من هدى الله الذي هو خبر إن أي إنَّ الهدى هدى الله هو أن يؤتى أحد كالذي جاءنا نحن فيكون من كلام اليهود.
والثالث من أوجه الرفع أن أن يؤتى خبر إن.
وأما أوجه النصب فأحدها أنَّ أن بفتح الهمزة بمعنى لا نقل ذلك بعضهم عن الفراء فأقام أن مقام ما وأو بمعنى إلاَّ فأن ومدخولها في محل نصب بالقول المحذوف أي وقولوا لهم لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلاَّ أن يحاجوكم وردّ بأن جعل أن المفتوحة للنفي غير محفوظ بل هو قول مرغوب عنه.
والثاني من أوجه النصب أن يكون مفعولًا بمحذوف أي إذا كان الهدى هدى الله فلا تنكروا أن يؤتى أحد واستبعده أبو حيان بأنَّ فيه حذف حرف النهي وحذف معموله وهو غير محفوظ ورد عليه تلميذه السمين بأنه متى دل دليل على حذف العامل جاز على أي وجه كان.
والثالث من أوجه النصب هو أن يؤتى مفعول لأجله أي ولا تؤمنوا إلاَّ لمن تبع دينكم مخافة أن يؤتى أحد أو مخافة أن يحاجوكم أو أن آن يؤتى بالمد على الاستفهام مفعول لأجله أيضا فليس هو من قول اليهود أي الخوف أن يؤتى أحد قلتم ذلك ونقل ابن عطية الاجماع على أنَّ ولا تؤمنوا من مقول اليهود غير سديد.
والرابع من أوجه النصب أنَّ أن يؤتى منصوب على الاشتغال أي تذكرون أن يؤتى أحد تذكرونه فتذكرونه مفسر بكسر السين ولكونه في قوة المنطق صح أن يفسر.
وأما وجه الجر فأن أصلها لأنَّ فأبدلت لام الجر مدة كقراءة ابن عامر آن كان ذا مال بهمزة محققة ومسهلة أو محققتين وبها قرأ حمزة وعاصم أي ألأن كان ذا مال.
والوجه المحتمل هو أنَّ أن يؤتى متعلق بلا تؤمنوا على حذف حرف الجر أي ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد ولا يؤمنوا بأن يحاجوكم فيكون أن يؤتى وما عطف عليه مفعولًا لقوله ولا تؤمنوا وعلى هذا لا يوقف على من تبع دينكم لأنَّ أن متصلة بما قبلها فلا يفصل بين الفعل والمفعول ويجوز أن لا تقدر الباء فتقول ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد النبوة والكتاب إلاَّ لمن اتبع دينكم فأن يؤتى من تمام الحكاية عن اليهود وقوله قل إن الهدى هدى الله اعتراض بين الفعل والمفعول وإن جعل أن يؤتى متصلًا بالهدى بتقدير قل إنَّ الهدى هدى الله أن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أيها المسلمون وأن لا يحاجوكم كان الوقف على لمن تبع دينكم. اهـ من أبي حيان وتلميذه السمين ملخصًا وهذا الوقف جدير بأن يخص بتأليف ولكن ما ذكر فيه كفاية غفر الله لمن نظر بعين الإنصاف وستر ما يرى من الخلاف.